«ذا تلغراف» البريطانية: روسيا على توسيع وجودها العسكري في ليبيا منذ بداية العام الجاري

.
مشاركة المقال

كشفت جريدة «ذا تلغراف» البريطانية كيف عملت روسيا على توسيع وجودها العسكري في ليبيا منذ بداية العام الجاري، عبر إرسال مزيدا من الأسلحة والعتاد العسكري والجنود إلى ثلاث قواعد عسكرية رئيسية هي الجفرة وبراك الشاطئ والقرضابية، مشيرة إلى تجديدات ملحوظة طرأت على القواعد العسكرية الثلاث، وهو ما يؤكد عزم الكرملين مواصلة تعزيز نفوذه في ليبيا ومنها إلى القارة الأفريقية.

وذكرت الجريدة، في تقرير نشرته أمس الثلاثاء، أنها قامت بتحليل صور من الأقمار الصناعية لثلاث قواعد جوية في ليبيا، هي الجفرة وبراك الشاطئ والقرضابية، التي شهدت أكبر قدر من التجديدات خلال العام المنصرم، ورصدت أعدادا متزايدة من طائرات النقل العسكرية الروسية، ومدارج مطورة، ودفاعات محيطية معززة، إضافة إلى مبانٍ جديدة بالكامل، وجميعها تغييرات جرت خلال عام واحد فقط.

وجود روسي متنامٍ في براك الشاطئ وقرضابية والجفرة

وبحسب صور الأقمار الصناعية، فقد بدأت القوات الروسية في تجديد وتعزيز المنشآت في قاعدة براك الشاطئ العسكرية في وسط ليبيا بداية العام الجاري. وبحلول الطير- أبريل الماضي، كانت الطائرات العسكرية الروسية قادرة على الهبوط في براك على مهبط طائرات لم يستخدم منذ سنوات.

وفي أبريل، تمكنت القوات الروسية في أربع مناسبات من توصيل معدات عسكرية عبر ميناء طبرق، تشمل مركبات عسكرية وذخيرة، وصلت بعدها إلى قواعد عسكرية واقعة تحت سيطرة روسيا في أنحاء ليبيا، بينها قاعدة براك الشاطئ. 

وواصلت الطائرات العسكرية الروسية الهبوط والمغادرة من براك الشاطئ، ما يعكس استمرار توصيل المعدات العسكرية. ورصدت الأقمار الصناعية طائرة «إليوشن-76» الروسية في براك الشاطئ في سبتمبر الماضي، ومرة أخرى في نوفمبر بقاعدة الجفرة. كما تكرر هبوط طائرات شحن عسكرية روسية في قاعدة الجفرة، وكذلك طائرات «ميغ29» المقاتلة وقاذفات «سو24».

وإلى الشمال من منشآت قاعدة الجفرة، شهدت قاعدة القرضابية الجوية أكبر قدر من التجديدات على مدار العام، حسب صور الأقمار الصناعية التي اطلعت عليها «ذا تلغراف»، إذ قامت القوات الروسية بتحصين القاعدة، بإضافة منشآت جديدة، وتجديد المدرجات، وتعزيز الدفاعات المحيطة بها، مع تشييد العديد من المباني الجديدة، والتي يمكن رؤيتها في صور الأقمار الصناعية من شهر نوفمبر، مقارنة بالعام 2023.

وبحسب صور الأقمار الصناعية، يوجد عناصر الجيش الروسي بشكل كبير وملحوظ في القرضابية، حيث تعمل أيضا على تدريب قوات موالية للمشير حفتر. وقال خبراء بمنظمة «ذا سنتري»، التي أسهمت في تحليل صور الأقمار الصناعية إلى جانب «ذا تلغراف»، إن «عناصر الجيش الروسي أصبحوا متجذرين في المنطقة لدرجة أن ألوية المشير حفتر عليها طلب إذن للوصول إلى القواعد الواقعة تحت السيطرة الروسية على الأراضي الليبية».

فورة في النشاط العسكري الروسي بليبيا

يشار إلى أن أعداد القوات الروسية في ليبيا قد تراجعت بشكل كبير من ثلاث آلاف عنصر بالعام 2020 بسبب الحرب في أوكرانيا، إلا أنها بدأت في الزيادة خلال العام الجاري لتقترب من هذا المستوى. ويقدر خبراء وجود ألفين من القوات الروسية داخل ليبيا.

وربطت الجريدة البريطانية بين فورة النشاط الروسي في ليبيا وإعادة هيكلة مجموعة «فاغنر» الروسية في أعقاب مقتل زعيمها يفغيني بريغوزين، أغسطس العام 2023. وبعد فترة وجيزة، بدأت عمليات «فاغنر» في أفريقيا في التوسع فجأة مرة أخرى، هذه المرة تحت مسمى جديد: «الفيلق الأفريقي».

وفي هذا الشأن، قالت الباحثة المتخصصة في السياسة الخارجية الروسية بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، كيارا لوفوتي: «الهدف النهائي دقيق للغاية: أولا، الاستفادة القصوى من الوجود في ليبيا من حيث التعاون العسكري لكسب المال. والهدف الآخر أكبر وأوسع وأهم من الناحية الجيوسياسية، وهو قوتها ومكانتها. فإذا انخرط الروس في ليبيا، أصبحوا أكثر قوة».

ليبيا محور التوسع العسكري الروسي في أفريقيا

وتؤكد تلك التغييرات السريعة، حسب «ذا تلغراف»، أن روسيا تعمل على زيادة وجودها العسكري في ليبيا بشكل كبير، بفضل الشراكة الآخذة في النمو مع قائدة «قوات القيادة العامة» المشير خليفة حفتر.

وقالت الجريدة إن «ليبيا تعد محور العمليات الروسية المتوسعة بشكل سريع في القارة الأفريقية، مما يمهد الطريق أمام وصول أكبر إلى دول أخرى، بما في ذلك السودان ومالي وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى».

كما يقول خبراء إن السيطرة العسكرية في ليبيا تسمح لروسيا برسم ما وُصف بـ«قوس من النفوذ في شرق البحر المتوسط، حيث تسيطر بالفعل على مواقع بحرية في سورية، وصولا إلى جنوب البحر المتوسط عبر ليبيا».

وقال مدير التحقيقات في منظمة «ذا سنتري» غير الربحية مقرها واشنطن، تشارلز كاتر: «روسيا تستخدم ليبيا كنقطة انطلاق استراتيجية لفرض قوتها في بقية القارة الأفريقية».

وأضاف كاتر: «عبر استغلال الحوكمة المنقسمة في ليبيا، والفساد المستشري وكذلك تواطؤ القوى الإقليمية والدولية، عملت موسكو بشكل متزايد على تعزيز موطئ قدم لها عسكريا واقتصاديا داخل ليبيا».

استغلال الانقسام السياسي والفساد

وقالت «ذا تلغراف» إن «البصمة المتنامية في ليبيا تمنح موسكو القدرة على التأثير في الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، سواء عبر استعراض القوة العسكرية، أو تعطيل أسواق الطاقة من خلال استغلال دور ليبيا كمورد رئيسي للنفط إلى أوروبا».

وفي هذا الصدد، تقول الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، لوفوتي: «مع المال والحضور والقوة العسكرية تأتي المكانة السياسية أيضا. كل هذا وسيلة موسكو والكرملين لكسب المال. وفي المجمل، تشكل القوة الروسية المتنامية في ليبيا تهديدا لوجود أوروبا ووجود حلف شمال الأطلسي».

وشبهت لوفوتي العلاقة بين روسيا والمشير حفتر بـ«زواج المصلحة»، وقالت موضحة: «بدت الشراكة بين روسيا والمشير حفتر كزواج مصلحة. حفتر كان بحاجة إلى الدعم الدولي بعد انهيار نظام معمر القذافي بالعام 2011. وكان الروس هناك يبحثون عن مدخل إلى البلاد، وأعطاهم حفتر هذه الفرصة».

 

في هذا المقال
تعليقات فيسبوك